أَينَ القُرونُ الماضِيَه
تَرَكوا المَنازِلَ خالِيَه
فَاستَبدَلَت بِهِمُ دِيا
رُهُمُ الرِياحَ الهاوِيَه
وَتَشَتَّتَت عَنها الجُمو
عُ وَفارَقَتها الغاشِيَه
فَإِذا مَحَلٌّ لِلوُحو
شِ وَلِلكِلابِ العاوِيَه
دَرَجوا فَما أَبقَت صُرو
فُ الدَهرِ مِنهُم باقِيَه
فَلَئِن عَقَلتُ لَأَبكِيَن
نَهُمُ بِعَينٍ باكِيَه
لَم يَبقَ مِنهُم بَعدَهُم
إِلّا العِظامُ الباقِيَه
لِلَّهِ دَرُّ جَماجِمٍ
تَحتَ الجَنادِلِ ثاوِيَه
وَلَقَد عَتَوا زَمَناً كَأَن
نَهُمُ السِباعُ العاوِيَه
في نِعمَةٍ وَغَضارَةٍ
وَسَلامَةٍ وَرَفاهِيَه
قَد أَصبَحوا في بَرزَخٍ
وَمَحَلَّةٍ مُتَراخِيَه
ما بَينَهُم مُتَفاوِتٌ
وَقُبورُهُم مُتدانِيَه
وَالدَهرُ لا تَبقى عَلَي
هِ الشامِخاتُ الراسِيَه
وَلَرُبَّ مُغتَرٍّ بِهِ
حَتّى رَماهُ بِداهِيَه
يا عاشِقَ الدارِ الَّتي
لَيسَت لَهُ بِمُؤاتِيَه
أَحبَبتَ داراً لَم تَزَل
عَن نَفسِها لَكَ ناهِيَه
أَأُخَيَّ فَاِرمِ مَحاسِنَ الدُ
نيا بِعَينٍ قالِيَه
وَاعصِ الهَوى فيما دَعا
كَ لَهُ فَبِئسَ الداعِيَه
أَتُرى شَبابَكَ عائِداً
مِن بَعدِ شَيبِكَ ثانِيَه
أَودى بِجَدَّتِكَ البِلى
وَأَرى مُناكَ كَما هِيَه
يا دارُ ما لِعُقولِنا
مَسرورَةً بِكِ راضِيَه
إِنّا لَنَعمُرُ مِنكِ نا
حِيَةً وَنُخرِبُ ناحِيَه
ما نَرعَوي لِلحادِثا
تِ وَلا الخُطوبِ الجارِيَه
وَاللَهُ لا يَخفى عَلَي
هِ مِنَ الخَلائِقِ خافِيَه
عَجَباً لَنا وَلِجَهلِنا
إِنَّ العُقولَ لَواهِيَه
إِنَّ العُقولَ لَذاهِلا
تٌ غافِلاتٌ لاهِيَه
إِنَّ العُقولَ عَنِ الجِنا
نِ وَحورِهِنَّ لَساهِيَه
أَفَلا نَبيعُ مَحَلَّةً
تَفنى بِأُخرى باقِيَه
نَصبو إِلى دارِ الغُرو
رِ وَنَحنُ نَعلَمُ ما هِيَه
فَكَأَنَّ أَنفُسَنا لَنا
فيما فَعَلنَ مُعادِيَه
مَن مُبلِغٌ عَنّي الإِما
مَ نَصائِحاً مُتَوالِيَه
إِنّي أَرى الأَسعارَ أَس
عارَ الرَعِيَّةِ غالِيَه
وَأَرى المَكاسِبَ نَزرَةً
وَأَرى الضَرورَةَ فاشِيَه
وَأَرى غُمومَ الدَهرَ را
ئِحَةً تَمُرُّ وَغادِيَه
وَأَرى المَراضِعَ فيهِ عَن
أَولادِها مُتَجافِيَه
وَأَرى اليَتامى وَالأَرا
مِلَ في البُيوتِ الخالِيَه
مِن بَينِ راجٍ لَم يَزَل
يَسمو إِلَيكَ وَراجِيَه
يَشكونَ مَجهَدَةً بِأَص
واتٍ ضِعافٍ عالِيَه
يَرجونَ رِفدَكَ كَي يَرَوا
مِمّا لَقوهُ العافِيَه
مَن يُرتَجى في الناسِ غَي
رُكَ لِلعُيونِ الباكِيَه
مِن مُصبِياتِ جُوَّعٍ
تُمسي وَتُصبِحُ طاوِيَه
مَن يُرتَجى لِدِفاعِ كَر
بِ مُلِمَّةٍ هِيَ ما هِيَه
مَن لِلبُطونِ الجائِعا
تِ وَلِلجُسومِ العارِيَه
مَن لِارتِياعِ المُسلِمي
نَ إِذا سَمِعنا الواعِيَه
يا ابنَ الخَلائِفِ لا فُقِد
تَ وَلا عَدَمتَ العافِيَه
إِنَّ الأُصولَ الطَيِّبا
تِ لَها فُروعٌ زاكِيَه
أَلقَيتُ أَخباراً إِلَي
كَ مِنَ الرَعِيَّةِ شافِيَه
وَنَصيحَتي لَكَ مَحضَةٌ
وَمَوَدَّتي لَكَ صافِيَه